تقنية

دور التكنولوجيا في جعل تنقُّل المواهب أكثر سهولة وسلاسة


مع ذلك، توجد أيضاً تحديات صعبة للغاية؛ إذ إنَّ الموظفين الذين يفكرون في قبول مهمة في بلد مختلف عن البلد الذي يقيمون فيه، سيواجهون تغييراً كبيراً في نمط حياتهم، وهي قضية تتجاوز فكرة الوظيفة نفسها، فمطالبةُ أحد الزوجين بتغيير وظيفته أو تغيير الأطفال مدارسهم ونشاطاتهم وأصدقائهم أو رعاية الوالدين المسنين أو حتى تدبُّر أمور الحيوانات الأليفة، تجعل أخذ القرار أمراً معقداً ومرهقاً، ثم توجد عقبات لوجستية كبيع أو استئجار منزل وإيجاد مكان جديد للعيش فيه، بالإضافة إلى تأقلُم الموظف مع ثقافة البلد الجديد وتعلُّم لغته، والهجرة والخدمات المصرفية والتمويل وغير ذلك الكثير.

التحديّات التي تقف أمام تنقُّل المواهب:

يُعَدُّ امتلاك موظفين قادمين من بلدان مختلفة أمراً معقداً لأرباب العمل أيضاً، فأولاً: تحديد أفضل فرد يستطيع الانتقال إلى العمل خارج بلده أمر شاق؛ ففي غالب الأحيان تُتَّخذ قرارات التوظيف دون وجود معلومات كافية حول كامل خيارات المواهب المتاحة؛ ونتيجة لذلك يمكن للمؤسسات أن تنفق أكثر من اللازم دون تلبية احتياجات العمل، أو تفوِّت فرصة لتحسين استثمار المواهب لديها، وثانياً: تُعَدُّ عملية النقل بحد ذاتها عملية إدارية ومعقدة للغاية، فعادة ما تُكلَّف فرق العمل التي تنتقل إلى العمل خارج بلدانها بعشرات الإجراءات الداخلية والخارجية، مثل الهجرة وتغيير مكان الإقامة، بالإضافة إلى الضرائب والتواصل مع مزودي الخدمات في الخارج.

تلفت التفاصيل العديدة التي تتألف منها عملية امتلاك موظفين قادمين من بلدان مختلفة انتباهَ القادة إلى أهم الأطراف؛ وهي: الفرد الذي أُسنِدت إليه المهمة والمديرون المسؤولون عن عملية إرساله واستقباله، وفي بيئة التوظيف شديدة التنافس اليوم يتوقع العمال الموهوبون من أرباب العمل توفير فرص للنمو الشخصي والمهني، في حين يعتمد الرضى الوظيفي والولاء على التجارب الإيجابية في العمل، وتُعَدُّ مهمة العمل “الخارجية” والمدعومة بعملية نقل سلسة من أكثر التجارب المرغوب فيها.

دور التكنولوجيا في عملية نقل الموظفين:

يمكن أن تؤدي الأدوات الرقمية دوراً هاماً في عملية نقل الموظفين؛ إذ تُعَدُّ أفضل أنواع تلك الأدوات هي المنصات الإلكترونية المخصصة التي تعمل على مدار الساعة، والتي تستطيع الوصول إليها من أي جهاز؛ إذ تُقدِّم النصائح وتوفِّر قوائم المراجعة، بالإضافة إلى المساعدة على تدابير السفر وتوفير المعلومات عن موقع العمل الجديد.

في كل حالة نقل موظفين تقريباً، تُعَدُّ القضايا العائلية ذات أهمية قصوى بالنسبة إلى الشخص المُسافر؛ مثل العثور على مدارس للأطفال ورعاية الوالدين والتعامل مع تشتت أفراد الأسرة؛ إذ يمكن للأدوات الرقمية أن تساعد المكلفين بالانتقال على التعامل مع هذه التحديات، بالإضافة إلى إظهار المنظمة اهتماماً بسلامة الموظف المكلَّف بالمهمة.

لتخفيف التوتر الذي يشعر به الموظفون نتيجة انتقالهم إلى العمل خارج بلدانهم، يمكن لموقع إلكتروني أو تطبيق أن يسمح للموظفين بإجراء عملية بحث عن منصبهم الجديد المحتمل؛ كاستكشافِ قضايا الهجرة، والاطلاع على ثقافة البلد الجديد، وتغيير مكان العيش، ومن الممكن أيضاً استخدام الواقع الافتراضي والواقع المعزز اللذين يتيحان للمرشح “تجربة” الموقع الجديد.

يجب أن تكون المنصة الرقمية للمؤسسة أيضاً مكاناً يُمكِّن المكلفين بالمهمة والموظفين الجدد من التفاعل مع مختلف الشركاء الداخليين والخارجيين المشاركين في المنصب الجديد؛ وهذا يجعل العملية ممتعة إمتاعاً أكبر وتظهر التعاطف من جانب المنظمة.

شاهد بالفيديو: 7 نصائح لإدارة الفرق عن بعد

 

دور الذكاء الاصطناعي في اختيار المرشحين:

يمكن للتكنولوجيا تبسيط التفاصيل اللوجستية وتسهيل اتخاذ القرارات لجميع المشاركين في عملية انتقال الموظفين للعمل خارج بلدانهم – ومن ذلك المديرين – إذ تساعد الأنظمة المعرفية الجديدة القائمة على الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي المديرين التنفيذيين ومديري التوظيف على تحليل قوائم المرشحين ووضع قائمة مختصرة بأولئك الأكثر ملاءمة لفرص العمل في الخارج، كما تُحلَّل الخبرات، والقدرات، والأداء والإمكانات، إلى جانب تحليل التكلفة/ المخاطر؛ وذلك لتحديد مدى ملاءمة المرشحين المحتملين لفرصة معينة.

يُعَدُّ التواصل أمراً بالغ الأهمية طوال عملية الانتقال، ويمكن أن تساعد التكنولوجيا؛ وذلك من خلال توفير الدعم الفوري من خلال الدردشات عبر الإنترنت والمواقع والاتصالات الصوتية؛ إذ يساعد المساعدون الافتراضيون الموظف على الاستعداد للمهمة وتوجيه الإجراءات اللوجستية أو التنظيمية المحددة.

جعل تنقُّل الموظفين يتمحور حول التجربة الإنسانية:

تختلف النظرة الجديدة لتنقُّل الموظفين إلى العمل خارج بلدانهم اختلافاً كبيراً عن الماضي، فهي تتمحور حول الإنسان وشخصيته ويمكن التنبؤ بها، فهي بسيطة وتلبي التوقعات التي يمتلكها الموظفون لخدمة المنظمة، أما بالنسبة إلى أرباب العمل؛ فإنَّها تحول العملية من مجرد إدارة المخاطر المؤسسية وتطوير المواهب إلى عملية إنشاء قيم إنسانية من شأنها تحسين الاستثمار الذي تقوم به المنظمة في الفرد.

مع استخدام التكنولوجيا الذكية يمكن للمؤسسات تحويل ما كان سابقاً خطوة مهنية مُرهقة ومضطربة للموظفين إلى ما يجب أن يكون تجربة مثيرة ومجزية، فبدلاً من جعل الانتقال عملية محبطة، يمكن للأدوات الرقمية أن تسهِّل وتضيف قيمة للأمر، فقد أصبح العالم مكاناً أصغر، وبالنسبة إلى أولئك الذين يقبلون المهام الدولية، تجعل التكنولوجيا العالم مكاناً أكثر تآلفاً أيضاً.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى