Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
تقنية

ما الذي يحدُث لحياتك الرقمية بعد موتك؟


يقول “جوردان فريث” (Jordan Frith) الأستاذ في “مركز بيرس للتواصل المهني” (Pearce Center for Professional Communication) في “جامعة كليمسون” (Clemson University) في ولاية “كارولاينا الجنوبية” (South Carolina): “لن يسمح موقع “فيسبوك” لأحباء الموتى وعائلاتهم بتسجيل الدخول إلى حساباتهم حتى بعد وفاتهم؛ بل سيمنح صلاحيةً لإزالة الحساب؛ لكنَّ الأمر سيستغرق بعضَ الوقت؛ إذ سيتحتَّم على عائلة المُتوفَّى تقديمُ دليلٍ على الوفاة، ممَّا سيزيد من الضغط النفسي عليهم خلال تلك الفترة العصيبة بعد موت أحبائهم”.

كما يفضِّل معظم الناس إنشاء صفحة تذكارية للمُتوفَّى على “فيسبوك”، والتي تتطلب أيضاً دليلاً على الوفاة، وهذا يتشارك ويتزامن بالطبع مع الإجراءات الاعتيادية التي تُجرَى في حالة الوفاة مثل التخطيط للجنازة وإيجاد الوصية وتقديمها والمعاناة في أثناء التصرُّف بمُمتلَكات المُتوفَّى ومُقتنياته المادية.

يُعَدُّ الموتُ بحد ذاته تجارة مزدهرة:

في “الولايات المتحدة” (U.S)، يوجد نحو 76 مليون شخصاً وُلِدوا بين عامي 1946 و1964، مع وجود 10.000 شخص منهم يبلغون 65 من العمر كلَّ يوم؛ مع ذلك، فإنَّ جائحة فيروس كورونا قد كشفَت عن الحاجة لخدماتٍ مثل الجنازات الافتراضية، وكذلك الخدمات التي تساعد الأشخاص على التحكُّم بأصولهم ومُمتلَكاتهم الرقمية أكثر من أيِّ وقتٍ مضى؛ وفي عام 2012، أُطلِق موقع “فوريفر دوت كوم” (Forever.com)، والذي يقدِّم إمكانية التخزين على الإنترنت لمُستخدميه إضافة إلى أرشيفٍ رقميٍّ لصورهم، والذي من المُحتمَل أن يزرعَ البذور الأولى لِما ازدهر ونما بقوة على مرِّ السنين متحوِّلاً إلى مجال عملٍ لإدارة الإرث الرقمي للإنسان.

لا يملك 90% من البالغين في “الولايات المتحدة” (U.S) أدنى فكرةٍ عمَّا سيحدث لأصولهم ومُمتلَكاتهم الرقمية، مثلَ البريد الإلكتروني وحساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي وبيانات خدماتهم المصرفية الإلكترونية وكلمات المرور الخاصة بهم بعد وفاتهم.

يتحدَّث “ريكارد ستيبر” (Rikard Steiber) مؤسِّسُ شركة “غود تراست” (GoodTrust) – وهي شركة خدمية تساعد الأقارب على إدارة الميراث الرقمي لأحبائهم المُتوَفِّين – ومديرُها التنفيذي قائلاً: “عليكَ أن تسأل نفسَك عن إمكانية إيجاد شريكك أو عائلتك لجميع ما ذُكِرَ أعلاه، إضافة إلى حساباتك المالية وعملاتك الرقمية وأسماء النطاقات للإنترنت وصور “جوجل” (Google) الخاصة بك إن تُوُفِّيْتَ اليومَ، فعلى الأرجح أنَّ معظم ذكرياتك وأصولك وممتلكاتك الثمينة ستضيع إلى الأبد”.

شاهد بالفيديو: سلبيات مواقع التواصل الاجتماعي

 

في شركة “غود تراست”، يُنشِئ المستخدِمون حساباتٍ يُدرِجون فيها خدمات الإنترنت التي يستخدمونها ويكتبون بأدقِّ التفاصيل ما يُريدون أن يحدثَ بعد وفاتهم لتسهيل إيجاد تعليماتهم ورغباتهم من قبل وَرَثتهم، ويمكن لهم أن يتشاركوا تلك المعلومات مع ورثتهم مباشرةً وعلى الفور أو بعد موتهم؛ وذلك بناءً على رغبتهم الخاصة.

كما تجرِّب هذه الشركةُ الناشئة أدواتٍ مُبتكَرة وإبداعية مثل تقنية إعادة تمثيل الفيديو والذكاء الاصطناعي لإحياء الصور الساكنة، والذي من خلاله يمكن لجدَّتك المُتوفية أن تغمزَك بعينيها أو تنقلَ الرسائل إليك من خلال كبسولات زمنية رقمية.

تُعَدُّ شركة “ريدي وين” (ReadyWhen) المُماثِلَ الكنديَّ لشركة “غود تراست” التي يتركز مقرُّها في ولاية “كاليفورنيا” (California)؛ إذ تمثِّل شركة “ريدي وين” حلَّاً لإدارة التخطيط العقاري بطريقة رقمية، ويُعدُّ “جيسي فيد” (Jessie Vaid) مؤسِّسَها ومُديرَها التنفيذي، فهو كاتبُ عدلٍ قد شَهِدَ توقيع الآلاف من وثائق التخطيط العقاري خلال حياته المهنية، وقد يستغرقُ الأمرُ ما يصل إلى ثلاث سنوات، إضافة إلى كثير من المعاناة والأموال لتسوية مُلكية عقارٍ ما وتحديده، والوضعُ أسوأ في العالم الرقمي الفوضوي؛ وذلك وفقاً لِـ “فيد” الذي يقول: “إن تُوفِّيَ شخصٌ ما، عليكَ أن تؤدي دورَ محقِّقٍ متخصِّصٍ في المُستندَات والوثائق لمحاولة معرفة المعلومات جميعها”.

الناسُ يُجبَرون على التفكير في خطة نهاية حياتهم:

إنَّ تجارة الموت حقيقةٌ مُرَّة؛ وفي قضايا الموت الوطنية أو العالمية – كما حدث في جائحة فيروس كورونا – يُجبَر الناسُ على التفكير في خطة نهاية حياتهم، “وهي قضيةٌ كانت تحمل في السابق وصمةَ عارٍ كبيرة”؛ وذلك وفقاً لِـ “أليسون جونستون” (Alison Johnston) المديرة التنفيذية لشركة “إيفر لافد” (Ever Loved) التي يتركَّز مقرُّها في “كاليفورنيا” (California)، والتي تُعَدُّ شركةً تقنية تسهِّل على العائلات إدارة الإجراءات بعد وفاة أحد أفرادها.

تصِفُ “جونستون” مواقع الإنترنت التذكارية التي يمكن لمُستخدِمي “إيفر لافد” إنشاؤها لأحبائهم الراحلين وتشبِّهُها بشواهد قبور العصر الرقمي؛ إذ يمكن للمستخدمين نشر نعي للمُتوفَّى على تلك المواقع، أو مشاركة تفاصيل الجنازة أو معلومات عن مثواه الأخير، أو حتَّى إجراء بثٍّ حي مُباشَر للجنازة، والذي يُعَدُّ عمليةً مرغوبةً ومطلوبةً للغاية خصيصاً بعد الجائحة؛ لكنَّ مواقع الإنترنت التذكارية تتجاوز مُجرَّد عرض نهاية حياة أحد الأشخاص، أو تعود إلى الوراء بوصفها تسلسل أحداثٍ يحتفي بحياة المُتوفَّى.

تبقى مواقع الإنترنت التذكارية أكثر مُنتجات شركة “إيفر لافد” شعبيةً، ومع ذلك يوجد جزءٌ صغيرٌ من السُّكان قلِقون بشأن إرثهم الرقمي أكثر من قلقهم على تفاصيل حفل تأبينهم؛ فمثلاً بالنسبة إلى خدمة “تراست أند ويل” (Trust & Will)، والتي يقع مقرُّها الرئيسي في ولاية “كاليفورنيا” (California)، تُعدُّ خدمة عبر الإنترنت تؤمِّن مجموعة من أدوات التخطيط العقاري وأساليبه، فإنَّ ثلاثة أرباع مُستخدميها الجُدُد هم من “جيل الألفية” (وهم الفئات السكانية التي تتكون من الأشخاص الذين وُلِدوا في الفترة ما بين 1981 وَ1996)، أو من “الجيل زد” (وهو الجيل الذي يلي جيل الألفية، ولا توجد تواريخ مُحدَّدة لبدئه وانتهائه؛ لكنَّ الباحثين يستخدمون غالباً مواليد مُنتصَف عقد التسعينيات إلى نهاية عقد الألفين بوصفه نقطة بدئه)؛ وذلك وفقاً لرئيس الشؤون القانونية للشركة “باتريك هيكس” (Patrick Hicks).

استطلعَت “تراست أند ويل” في أيلول/سبتمبر من عام 2021 آراءَ 1000 شخصاً أمريكياً ينتمون إلى جيل الألفية وتتراوح أعمارُهم بين 25 وَ40 عاماً بخصوص مُخطَّط نهاية الحياة والانتقالات أو التحويلات الرقمية، ووجدَت أنَّ جائحة كورونا كانت بمنزلة حافز أو دافع لهؤلاء الأشخاص حين يتعلق الأمر بقضايا الإرث الرقمي.

على الرَّغم من أنَّ 68% من الأشخاص التابعين لجيل الألفية والذين استُطلِعَت آراؤهم لم يكُن لديهم وصية، فإنَّ 72% ممَّن كان لديهم وصية أنشؤوها أو حدَّثوها خلال الجائحة، ويقول “هيكس”: “إنَّ الهوية الرقمية باتت جزءاً لا يتجزأ من حياة جيل الألفية أو الجيل زد”؛ وبالطبع، فإنَّ المولودين في فترة طفرة المواليد (أي المولودين بعد الحرب العالمية الثانية بين عامَي 1946 وَ1964) نشطون للغاية على موقع “فيسبوك” (Facebook)، وحتَّى على موقع “إنستغرام” (Instagram)؛ أمَّا بالنسبة إلى التابعين لجيل الألفية أو الجيل زد، فإنَّ الحياة الرقمية هي أمرٌ جوهريٌّ بالنسبة إليهم؛ وذلك وفقاً لِـ “هيكس”.

شاهد بالفيديو: ما يقال في التعزية والمواساة

 

في البحث ذاته، رأى أكثر من نصف الأشخاص التابعين لجيل الألفية، والذين استُطلِعَت آراؤهم أنَّ منحَ منفِّذي وصيَّتهم إمكانية الدخول إلى حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي مَهَمةٌ ذات أولوية أعلى من التأكُّد من إمكانية دخول منفِّذي الوصية أنفسِهم إلى بريدهم الإلكتروني أو اشتراكاتهم أو حسابات تجارتهم الإلكترونية، وربَّما لذلك تشير “آلي بريجز” (Ali Briggs) – وهي المديرةُ التنفيذيةُ لشركة “لايف ويب 360” (LifeWeb 360) الناشئة، والتي يقعُ مقرُّها في مدينة “شيكاغو” (Chicago)، وتساعد أيضاً في قضايا الإرث الرقمي – إلى مشروعها التجاري بتسميته “وسائل التواصل الاجتماعي للروح” (social media for the soul).

يمكن للمستخدِم إنشاء موقع لاستذكار حياة المُتوفَّى في شركة “لايف ويب” خلال ما يقل عن ثلاث دقائق، ويُعَدُّ ذلك الموقع أو الحساب بصورة أساسية تعبيراً عميقاً عن الحب في جوهره تجاه الشخص الراحل مُنعكساً في ذكريات غير محدودة من الصور والرسائل النصية وروابط الفيديو، وتعتقد “بريجز” أنَّ نموذج أعمالهم بعيدٌ كلَّ البعد عن منطق “التنظيف الرقمي” بعد وفاة أحدهم؛ وبدلاً من ذلك تقول إنَّهم يركزون على تسخير حب المجتمع المُحيط بعائلة المُتوفَّى خلال تلك المراحل حين لا يكون لدى الأسرة المفجوعة لفقدان أحد أحبائها المساحة العاطفية الكافية لاستيعاب الحب والدعم.

تُردِف “بريجز” قائلةً: “يمكن للعائلة المفجوعة أن تعود إلى رؤية هذه المواقع الحياتية في شركة “لايف ويب” حين تكون مستعدَّةً لذلك عاطفياً؛ إذ ما يزال بإمكانك تذكُّر أحبائك من خلال شعاراتهم وعباراتهم الخاصة، أو عن طريق شخصياتهم المَرحة التي كانوا يمتلكونها، وكذلك إن كانوا مصدرَ إزعاج لك، يمكنك القول إنَّك تشتاق إلى إزعاجهم بعد رحيلهم”.

تسارع “بريجز” إلى دعوة المستخدِمين ليكونوا نابضين بالحياة ويستخدموا صيغة المُضارِع عند حديثهم عن المُتوفَّى؛ لأنَّ المواقع الحياتية في شركة “لايف ويب” متنامية باستمرار، وينبغي ألا يعنيَ موتُ أحد الأحباء اختفاءَه من حياتك تماماً.

خدمات الإرث الرقمي تُعد طريقة لاجتياز الإجراءات بعد الوفاة:

تُعَدُّ خدمات الإرث الرقمي وفقاً لِـ “فريث”، أساليب مُثيرة للاهتمام لاجتياز الإجراءات المتعلقة به بعد الوفاة، ويُكمِل قائلاً: “إن لم يكُن لدى أحباء المُتوفَّى كلمات المرور الخاصة به، ولم يتمكَّنوا من الدخول إلى صفحاته، ستبقى تلك الصفحاتُ عندَها على الإنترنت لفترةٍ طويلةٍ من الزمن ربَّما، وقد تحتوي على معلوماتٍ لم يقصِد المُتوفَّى أن تبقى موجودةً ومُتاحةً بعد وفاته”.

على الرَّغم من أنَّه يتساءلُ عن جدوى نماذج العمل في الشركات التي تقدم خدمات الإرث الرقمي وقابلية نجاحها قائلاً: “يبدو أنَّ بعضَها مثل شركة “غود تراست” يحتفظُ بعمليات تسجيل دخول الأشخاص حتَّى يمكن مشاركتُها، ويسمح للأشخاص بإنشاء وصايا على مواقع التواصل الاجتماعي تمكِّنهم من إملاء كيفية التعامل مع ملفاتهم الشخصية الموجودة حالياً بعد وفاتهم”، إذ يجدُ “فريث” أنَّ الأساليب الشاملة غير مُستدَامة معبِّراً عن شكِّه في استعداد الناس لوضع ثقتهم في شركةٍ واحدة لتحلَّ محلَّ المحامي العقاري ومُنظِّمي الجنازات.

في الختام:

يوجد مستقبلٌ واعد لمجال إدارة الميراث الرقمي الذي نتركُه وراءَنا، ومنافسة كبيرة بين الشركات؛ وذلك وفقاً لِـ “فريث”؛ إذ إنَّ إرثَنا الرقمي موضوعٌ مُعقَّدٌ وحسَّاسٌ أصلاً، وسيُصبح أكبر وأكثر تعقيداً أيضاً؛ لأنَّ مُعظمَنا متصلٌ بالإنترنت ومُعتمِد عليه بشكلٍ أو بآخر؛ لكنَّنا قد نرغبُ في توخي الحذر لعدم تكرار ما هو موجودٌ بالفعل وتضييع جهودنا عبثاً.

يُردِف “فريث” قائلاً: “يقوم بعضُ المُحامين بهذه الخدمات من قبل؛ فإن كتبَ أحدُهم وصيَّته بالتفصيل لدى مُحامٍ ما، يمكنه أيضاً تقديم وصية خاصة بوسائل التواصل الاجتماعي وتعليمات تسجيل الدخول إلى حساباته عليها بعد وفاته، وأعرفُ مُحامين يفعلون ذلك تماماً؛ وعلى الرَّغم من أنَّه سيكون هناك منافسة كبيرة في هذا المجال، إلَّا أنَّ هذا المجال ربَّما ليس جديداً تماماً كما تصوِّره الشركات”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى