Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
تقنية

تطور الذكاء الاصطناعي في مجال الترجمة الآلية والتواصل اللغوي


إنَّ الترجمة الآلية جزء من التواصل اللغوي بين الأشخاص ممن يتكلمون لغات مختلفة وتربطهم علاقة عمل أو دراسة أو اجتماعية وما شابه ذلك؛ لذلك لا يمكن إنكار أهمية الترجمة الآلية في حياتنا والتي هددت وظيفة كثير من المترجمين البشر، ولكن رغم إيجابيات الترجمة الفورية إلا أنَّها لن تحل محل البشر، فالترجمة البشرية تتميز بالقدرة على فهم النصوص بعمق، وتحليل المفردات بدقة، وتتعامل مع العوامل التي تؤثر في المعنى والترجمة، بعكس الترجمة الآلية التي تتميز بأنَّها بلا روح.

لكن هل سيبقى الوضع ذاته مع دخول الذكاء الاصطناعي إلى مجال الترجمة الآلية والتواصل اللغوي، أم أنَّ مستقبل المترجمين البشر في خطر؟

مقالنا الحالي سيخبرك بما توصَّل إليه الذكاء الاصطناعي في مجال الترجمة الآلية والتواصل اللغوي، والإيجابيات لدخوله هذا المجال، إضافة إلى التحديات التي تواجهه.

تطوَّر الذكاء الاصطناعي في مجال الترجمة الآلية والتواصل اللغوي:

تطور الذكاء الاصطناعي في هذا المجال كغيره من المجالات التي اقتحمها، وأحدث تغيرات هامة فيها في السنوات القليلة الماضية، وفيما يأتي بعض النقاط التي توضح تطوره في مجال الترجمة الآلية:

1. تحسين دقة الترجمة:

يساعد الذكاء الاصطناعي على تحسين دقة الترجمة من خلال قدرته على التعلم من اللغة الطبيعية والنحو والصرف وتحديد معاني العبارات وتحليل الأنماط اللغوية وقدرته على التعلم من الأخطاء النحوية أو الإملائية وتصحيحها تلقائياً وتجنُّبها، كما أنَّ قدرته على التعلم الآلي تجعله قادراً على التعلم من ترجماته السابقة فيتجنَّب الأخطاء التي وقع فيها سابقاً.

كما يمكنه التعلم من المترجمين البشر بعد تحليل الأساليب التي يتبعونها في الترجمة وتكرارها تلقائياً في ترجماته، إضافة إلى ما سبق فإنَّه يمتلك القدرة على تحويل النص الصوتي إلى نص كتابي بالاعتماد على الشبكات العصبونية والتعلم العميق لتحليل وتحسين دقة الصوت.

2. تحسين التعرف إلى الكلمات:

يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين التعرف إلى الكلمات من خلال الاعتماد على عدة نقاط أهمها تقنيات التعلم العميق، فتُدرَّب النماذج العصبونية على البيانات اللغوية الكبيرة لتعلُّم الأنماط اللغوية واستخراج الكلمات، واستخدام السياق، فيمكن للذكاء الاصطناعي استخدام السياق المحيط بالكلمة الجديدة لزيادة قدرته على التعرف إلى معناها ليحدد المعنى الدقيق لها في العبارة، والتعلم الآلي يساعده على تحليل الأخطاء السابقة وتعديل النماذج المستخدمة في التعرف إلى الكلمات لتجنب الأخطاء مستقبلاً، واستخدام البيانات الكبيرة وتحليل الإحصاءات يحسن قدرته على التعرف إلى الكلمات وتحديد المعاني الدقيقة لها.

3. تطور نماذج الترجمة الآلية:

يؤدي الذكاء الاصطناعي دوراً حاسماً في تطور نماذج الترجمة الآلية كونه يحلل الأخطاء الشائعة، ويعمل على تطوير النماذج من خلال الاعتماد على تقنيات وخوارزميات جديدة ومبتكرة لتحسين الدقة في الترجمة، كما يعمل على تحسين الأداء العام ليعطي نتائج بأسرع ما يمكن.

كما أنَّ الذكاء الاصطناعي يعمل على تطوير نماذج ترجمة مخصصة لمجالات معينة مثل الترجمة الطبية والترجمة القانونية، فهذه المجالات تحتوي على مفردات لها معانٍ مختلفة نوعاً ما، ومن ثم تصبح تجربة المستخدمين أفضل بكثير.

4. تحسين سرعة الترجمة:

السرعة من النقاط الهامة التي يركز عليها المستخدمون، ويمكن للذكاء الاصطناعي تحسين سرعة الترجمة عن طريق ما يأتي:

  • تقنيات التعلم العميق: تُدرَّب النماذج العصبونية على البيانات اللغوية الكبيرة لاستخراج السياقات وتعلم مختلف الأنماط، فيساعد ذلك على زيادة سرعة الترجمة.
  • تحسين عملية الاستدلال: يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين عملية الاستدلال والتخمين بتحليل السياق والمعاني الدقيقة.
  • استخدام البيانات الكبيرة: يمكن استخدام البيانات الكبيرة وتحليل الإحصاءات بتحليل الأنماط اللغوية المختلفة.
  • التعلم التفاعلي: هو التعلم من أساليب المستخدمين ممن يتفاعلون من الترجمة؛ وذلك عن طريق تحسين النماذج بناءً على تلك الأساليب.
  • الترجمة الموازية: يمكن أن تساهم الترجمة الموازية في زيادة سرعة الترجمة الآلية بحيث يُترجَم النص إلى لغة وسيطة، ومن ثم يمكن ترجمته إلى اللغة المطلوبة لإعطاء نتائج أكثر دقة وبسرعة فائقة.

هل يحل الذكاء الاصطناعي محل المترجمين البشر؟

يراود هذا السؤال أذهان معظم المترجمين، ولكن من غير المتوقع أن يحل الذكاء الاصطناعي محل المترجمين من البشر، رغم أنَّه سينافسهم على كثير من الوظائف، فهو قادر على تحليل النصوص وترجمتها بطريقة دقيقة وسريعة وفعالة، لكنَّه لن يتمكن من منافسة المترجمين البشر في قدرتهم على فهم اللغة واختلاف اللهجات والثقافات التي تفرض اختلاف معاني الكلمات من مكان إلى آخر.

يمكن أن يقتصر عمل الذكاء الاصطناعي على ترجمة النصوص، ومن ثم يقوم المترجم البشري بالاطلاع على النص المترجم والتأكد من دقة الترجمة ومن خلو النص المترجم من الأخطاء الإملائية أو النحوية وإجراء التعديلات إن لزم الأمر، ليكون بذلك الذكاء الاصطناعي أداة مساعدة للمترجم لتحسين جودة العمل ونيل رضى المستخدمين.

تطور الذكاء الاصطناعي في مجال التواصل اللغوي:

يؤدي الذكاء الاصطناعي دوراً هاماً في تحسين التواصل اللغوي من خلال ما يأتي:

  • الترجمة الآلية: بواسطة نماذج الترجمة الآلية بالاعتماد على التعلم العميق والشبكات العصبونية كما ذكرنا آنفاً.
  • التحليل اللغوي: تقنيات التعلم الآلي والمعالجة اللغوية الطبيعية تساعد على تحديد المعاني الدقيقة لتجنب الوقوع في الأخطاء.
  • الدردشة الآلية: وهي من النقاط الهامة جداً في تحسين التواصل اللغوي، فيتمكَّن المستخدم من التواصل مع الذكاء الاصطناعي من خلال واجهة دردشة تفاعلية، فيرسل المستخدم الرسالة ويحلل الذكاء الاصطناعي المعلومات التي قُدِّمَت له، ويستخدم في ذلك الخوارزميات والنماذج اللغوية؛ ليتمكن من فهم معنى النص بأفضل طريقة، ويقدِّم الجواب الصحيح والمنطقي والمفهوم بالنسبة إلى المستخدم.

تعد الدردشة الآلية مفيدة في مجالات عدة، فمثلاً يمكن استخدامها في خدمة العملاء والإجابة عن الاستفسارات وتقديم النصائح والإرشادات، ويمكن للدردشة الآلية التعامل مع اللهجات المختلفة، فيمكن تدريبها على عدة لهجات تتبع لغة واحدة، كأن تُدرَّب على اللهجة المصرية والمغربية والخليجية، فتتعرف إلى الاختلافات وتقدم أفضل الإجابات.

النقاط آنفة الذكر تفيد في مختلف مجالات الحياة، فمثلاً يمكن الاعتماد عليها في مجال التعلم الإلكتروني بحيث يتم تطوير نظم لتوفير تجربة جيدة وممتعة للمتعلمين، وأيضاً يمكن استخدامها في التحليل اللغوي للمشاعر والعواطف التي تتضمنها النصوص المكتوبة، فلا تظن أنَّ الذكاء الاصطناعي غير قادر على فهم المشاعر؛ بل يمكن تدريبه على الكلمات التي تعبر عن عواطف معينة في مختلف اللغات.

سلبيات وتحديات دخول الذكاء الاصطناعي إلى مجال الترجمة الآلية والتواصل اللغوي:

الترجمة الآلية والتواصل اللغوي كالمجالات الأخرى التي دخلها الذكاء الاصطناعي، فترك آثاراً إيجابية وبعض الآثار السلبية، وآثاره السلبية في هذا المجال هي:

1. عدم الدقة:

رغم التطور الكبير، لكن ما زال بحاجة إلى تدريب أكثر لفهم الكلمات ومعاني العبارات فهماً صحيحاً.

2. التحديات اللغوية:

تعد اللهجات المتعددة للغة الواحدة من التحديات الأكثر صعوبة التي تواجه الذكاء الاصطناعي، فالتعامل مع اللهجة وفهمها بدقة وتقديم الإجابة المناسبة ليس بالأمر السهل أبداً.

3. صعوبة فهم الثقافات:

ترتبط اللغات بالثقافات أيضاً، والفهم الدقيق للغة يفترض أن يكون الفهم للثقافة التي تنتمي إليها هذه اللغة دقيقاً أيضاً.

4. الخصوصية:

تكرار استخدام البيانات التي جُمِعَت سابقاً قد يشكل خطراً على الخصوصية والأمان، وقد تُستخدَم في غير مكانها المناسب.

5. تقليل فرص العمل:

كما ذكرنا آنفاً إنَّ الذكاء الاصطناعي لن يلغي عمل المترجم مهما بلغ تطوره، لكنَّه يلغي بعض الوظائف التي يمكن الاكتفاء بالترجمة الآلية فيها.

6. عدم القدرة على التعامل مع الرموز:

أحياناً تساعد الرموز على فهم النص أو المقصود من عبارة معينة، فمثلاً إشارة الاستفهام تدل على أنَّ العبارة هي سؤال، ولكنَّ الذكاء الاصطناعي يواجه صعوبة في فهم الرموز، ومن ثم قد يتسبب ذلك في ترجمة غير دقيقة للنصوص التي تحتوي على رموز.

في الختام:

دخل الذكاء الاصطناعي في السنوات القليلة الماضية إلى مختلف مجالات حياتنا، ومنها مجال الترجمة الآلية، والتي لا تعتمد على البشر، ويمكن للذكاء الاصطناعي تأدية دور هام في هذا المجال، فيساهم مساهمة كبيرة في تحسين دقة الترجمة؛ وذلك من خلال تحديد المعنى الدقيق للعبارات والتراكيب اللغوية، وتحسين التعرف إلى الكلمات، فيتعلم النظام من البيانات التي تُدخَل إليه ويقوم بتحليلها ويتعرف إلى الكلمات المشابهة ويعرف السياق الذي تظهر فيه هذه الكلمات، كما يُعرَّف إلى الأخطاء اللغوية والنحوية ليتجنبها لاحقاً.

أيضاً يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي على تحسين سرعة الترجمة الآلية وتطوير نماذج ترجمة مخصصة لمجالات محددة، وبالنسبة إلى التواصل اللغوي فالذكاء الاصطناعي يمكِّن المستخدم من إجراء دردشة معه يجيب فيها عن كافة أسئلته.

يمكن الاستفادة من هذه النقطة في مجال التعليم الإلكتروني وفي خدمة العملاء أيضاً، ولكن تعدد اللهجات وصعوبة فهم الثقافات المختلفة تعد من التحديات التي تواجه الذكاء الاصطناعي في هذا المجال، ويُعمَل على تخطِّيها إلا أنَّ التطور الكبير لن يلغي الدور الأساسي للمترجم البشري وسيكون الذكاء الاصطناعي أداة مساعدة له في العمل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى