Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
تقنية

الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة في مجال البحث العلمي


تمتاز “الثورة الصناعية الرابعة” – المصطلح الذي أُطلِق في عام 2016 في المنتدى الاقتصادي العالمي بهدف الإشارة إلى التحولات الجذرية التي يشهدها العالم في العصر الحديث – بتطور تكنولوجي مثير للإعجاب في عديد من المجالات، مثل الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات الضخمة، والتصنيع الذكي، والطباعة ثلاثية الأبعاد، والإنترنت والواقع الافتراضي، وغيرها، فقد سمح هذا التقدم التكنولوجي الكبير للعلماء والباحثين بإنتاج كميات هائلة من البيانات، ولكن كيف يمكن تحليل واستغلال هذه البيانات الهائلة بفاعلية وذكاء؟ هنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة.

الذكاء الاصطناعي هو تكنولوجيا حديثة تُستخدَم لتعزيز القدرات الذهنية والتعلم الآلي، وهذا يساهم في تحليل وفهم البيانات الهائلة المتاحة للباحثين، وتعد هذه التقنيات أداة قوية للبحث العلمي، وتُستخدَم لاستكشاف الأنماط والعلاقات المخفية في البيانات الكبيرة والمتنوعة.

أما البيانات الضخمة Big data فهي نتاجاً للتقدم التكنولوجي والتطورات الرقمية السريعة التي نشهدها، وتتألف من مجموعة كبيرة جداً من المعلومات التي تتراوح من المستندات والنصوص والصور إلى الفيديوهات والصوتيات وبيانات الاستشعار، تعد هذه البيانات غالباً غير منتظمة ومتنوعة ومتناغمة، وهذا يجعل من الصعب تحليلها وفهمها بواسطة الطرائق التقليدية.

ما يميز الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة هو قدرتهما على استخلاص المعرفة من البيانات الهائلة واكتشاف الأنماط والعلاقات المخفية، فهل سيكونان المفتاح لكشف أسرار الكون وتحقيق الاكتشافات العلمية الكبرى؟

تحليل البيانات الضخمة:

المفهوم والخصائص:

البيانات بشكل عام هي مجموعة من الحروف أو الكلمات أو الأرقام أو الرموز أو الصور المرتبطة بموضوع ما، أما البيانات الرقمية Digital Data هي المعلومات التي تم تمثيلها وتخزينها بتنسيق رقمي، تُولَّد البيانات الرقمية من خلال تحويل المعلومات الموجودة في العالم الحقيقي (مثل الصور والنصوص والصوت) إلى تنسيق رقمي يمكن تخزينه ومعالجته بواسطة الحواسيب والأجهزة الإلكترونية.

بدأ عصر معالجة البيانات الرقمية في السبعينيات من القرن العشرين، ومن ثم بدأ عصر البيانات الضخمة كنتيجة طبيعية لانتشار الإنترنت والهواتف الذكية ومجتمع المعلومات، وبحلول عام 2000 أصبح هناك نمو سريع وتضخُّم في البيانات، وقد زاد مستوى الاتصال والتواصل وتدفق البيانات بفضل إنترنت الأشياء (lot) والمدن الذكية والمركبات ذاتية القيادة وانتشار أجهزة الاستشعار في كل مكان، وبالتزامن مع ارتفاع ضخامة البيانات نمت قوة معالجة الحواسيب وانخفضت تكلفة الحوسبة انخفاضاً كبيراً، فبلغت تكلفة تخزين الميجابايت الواحد في عام 1967 مليون دولار، أما الآن فالتكلفة لا تتجاوز 0.02 سنت.

مفهوم البيانات الضخمة يشير إلى كميات هائلة من البيانات المتنوعة والمتزايدة بسرعة كبيرة، والتي تتجاوز قدرة أدوات وتقنيات التحليل التقليدية على معالجتها واستخلاص المعرفة منها، وتتميز البيانات الضخمة بالخصائص الآتية:

1. الحجم الهائل:

مقدار البيانات المتولدة من مصادر عديدة ذات كمية هائلة تتجاوز قدرة أدوات وتقنيات التحليل التقليدية على معالجتها.

2. التنوع:

يشمل تنوع البيانات أنواعاً مختلفة من الملفات وقواعد البيانات والوسائط الاجتماعية وسجلات المحادثات وغيرها كثير، ويتضمن التنوع أيضاً تبايناً في هياكل البيانات وتنظيمها.

3. السرعة:

البيانات الضخمة تنشأ بسرعة هائلة وباستمرار، وهذه السرعة تنطوي على التحليل والاستخلاص الفوري للمعلومات الهامة والتفاعل مع البيانات في الوقت الحقيقي.

4. المصداقية.

5. تنوع الهياكل:

البيانات الضخمة تتميز بتنوع الهياكل والتنظيم، وقد تكون البيانات:

  1. بيانات غير هيكلية Unstructured Data: مثل النصوص والوثائق والصور ومقاطع الفيديو والصوت.
  2. بيانات نصف مهيكلة Semi-Structured Data: مثل ملفات (eXtensible Markup Language xml).
  3. بيانات مهيكلة Structured Data: مثل قواعد البيانات.

6. قيمة المعرفة:

تحمل البيانات الضخمة قيمة كبيرة من المعرفة والرؤى، ويمكن من خلالها الكشف عن أنماط وترابطات ومعلومات هامة تساهم في اتخاذ قرارات أفضل وفهم أعمق للظواهر والتحولات.

شاهد بالفديو: وظائف لا يمكن للذكاء الاصطناعي القيام بها

 

آليات تحليل البيانات الضخمة القائمة على الذكاء الاصطناعي:

آليات التعليم الآلي:

يعد تعلُّم الآلة من أبرز آليات تحليل البيانات الضخمة، يُستخدَم تعلُّم الآلة لتطوير نماذج وخوارزميات قادرة على استخلاص الأنماط والمعلومات المخفية داخل البيانات الضخمة، ويمكن تقسيمها إلى نوعين من التعلم:

1. التعلم تحت الإشراف:

يتم تقديم مجموعة من المدخلات والمخرجات وإيجاد العلاقة فيما بينها في أثناء تدريب النظام.

2. التعلم غير الخاضع للإشراف:

يتم فيه تغذية الخوارزميات بمجموعة بيانات خالية من الملاحظات.

التعلم العميق Deep Learning:

يعتمد التعلم العميق على الشبكات العصبية الاصطناعية المتعمقة لتحليل البيانات الضخمة، فتستخدم الشبكات العصبية العميقة طبقات متعددة للتعرف إلى الأنماط والترابطات المعقدة في البيانات، يتم تدريب هذه الشبكات على مجموعة كبيرة من البيانات لتحسين الأداء والدقة في التحليل.

1. تجميع وتحليل البيانات الكبيرة Big Data Analytics:

يشمل ذلك استخدام تقنيات المعالجة الضخمة والتحليل الإحصائي ومفاهيم الذكاء الاصطناعي مثل التصنيف، والتجميع، واستخلاص الأنماط والتنبؤات.

2. تعزيز الواقع الافتراضي Augmented Reality:

تُستخدَم التقنيات المبتكرة لتحليل البيانات الضخمة وتوفير تجارب محسنة في مجال البحث العلمي.

مجالات استخدام البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي في مجال البحث العلمي:

1. علوم الحياة والطب:

يمكن أن يساهم هذا التحالف بين الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة مساهمة كبيرة في تحسين رعاية المرضى، وتشخيص الأمراض، واكتشاف العلاجات الجديدة، وتوفير الرعاية الصحية الشخصية، إليك بعض الاستخدامات: تشخيص الأمراض بدقة عالية وتصنيفها، والتوقع والتنبؤ بالمرض، وتوفير العلاج الشخصي وفقاً لسمات كل مريض على حدة، والعلاقات بين الجينات والعوامل البيئية والأمراض، وتصميم التجارب السريرية الأكثر فاعلية، وتسريع اكتشاف العلاجات الجديدة.

2. علوم الفيزياء والفلك:

يمكن استخدام البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الفيزيائية والفلكية الكبيرة، مثل بيانات الأجهزة الكشفية والتجارب العلمية، ويمكن استخدام الآلات الذكية لاستخراج النماذج الفيزيائية والكشف عن الأنماط الفلكية وتحقيق اكتشافات جديدة.

3. العلوم البيئية:

يمكن استخدام البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي في تحليل بيانات المراقبة البيئية والتغيرات البيئية على مستوى الكوكب، ويمكن استخدام التقنيات الذكية لتحليل تأثيرات التلوث والتغير المناخي وتوقع النماذج البيئية.

4. العلوم الاجتماعية:

يمكن استخدام البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي في فهم سلوك المجتمعات وتحليل البيانات الاجتماعية الكبيرة، ويمكن استخدام التعلم الآلي لتحليل النماذج الاجتماعية والتوقعات واستخلاص المعرفة الاجتماعية.

5. علوم الكمبيوتر والذكاء الاصطناعي:

يمكن استخدام البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي في تطوير وتحسين تقنيات الكمبيوتر والذكاء الاصطناعي ذاتها، ويمكن استخدام البيانات الضخمة في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي وتحسين أدائها وتصميم خوارزميات جديدة.

6. العلوم الزراعية والغذاء:

يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين الإنتاج الزراعي وتوقع سلوك المحاصيل وتحسين إدارة الموارد الزراعية وتتبُّع سلامة الغذاء.

7. العلوم الاجتماعية والعلوم السياسية:

يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة لفهم سلوك الأفراد والتوجهات الاجتماعية وتحليل البيانات السياسية لاتخاذ القرارات الاستراتيجية.

8. الهندسة والتصميم:

يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين عمليات التصميم والتصنيع وتحسين الكفاءة وتقليل التكاليف.

متطلبات تنفيذ الذكاء الاصطناعي مع تحليل البيانات الضخمة في مجال البحث العلمي:

1. المتطلبات التقنية:

متطلبات الأجهزة:

الشبكات الذكية، العدادات الذكية، البرامج الخاصة بتقنيات الذكاء الاصطناعي (التعليم الآلي، التعليم العميق، النظام السحابي، كميات كبيرة من البيانات الدقيقة).

الخبرة البشرية:

علماء بيانات خوارزميات التعلم الآلي والتحسين المستمر للنماذج، وخبراء تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

2. المتطلبات التنفيذية والسياسات واللوائح اللازمة:

توفير فرص جديدة للعمل، والسماح بالوصول العام إلى البيانات، وتمكين تمويل الأبحاث وتطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي.

3. المتطلبات التنظيمية:

تحديد قواعد خصوصية البيانات للمستخدمين، وتحديد بروتوكولات الأمن السيبراني، وضمان تمثيل الخوارزميات واللوائح وتكيفها عند الضرورة.

4. المتطلبات الوظيفية:

مشغلو النظام، والقائمون على جمع المعلومات على الإنترنت، وتطوير حلول الذكاء الاصطناعي لدمج الطاقة المتجددة.

التحديات التي تواجه الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة في مجال البحث العلمي:

1. تحقيق الدقة والموثوقية:

قد يكون من الصعب تحقيق درجة عالية من الدقة والموثوقية في تحليل البيانات الضخمة، خاصةً عند التعامل مع مجموعات كبيرة من البيانات المعقدة.

2. التحليل الواعي والتفسير:

قد يكون من الصعب تفسير النتائج والمعلومات التي تُستخلَص من البيانات الضخمة، ورغم وجود تقنيات التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي، فالتحليل الواعي والفهم العميق للبيانات ما يزال يتطلب التدخل البشري والخبرة العلمية لتفسير النتائج واستخلاص الرؤى العلمية القيمة.

3. الخصوصية والأمان:

يجب ضمان حماية البيانات الشخصية والحفاظ على سرية المعلومات الحساسة، وتوفير إجراءات أمان قوية لمنع الوصول غير المصرح به والاستخدام السيئ للبيانات.

4. تحديات التخزين والمعالجة:

تحليل البيانات الضخمة يتطلب بنية تحتية متطورة للتخزين والمعالجة؛ لذا يجب أن تتوفر قدرة كبيرة على تخزين واسترجاع البيانات الضخمة بسرعة عالية، وتوفير الامتداد الكافي لتشغيل الخوارزميات والتقنيات التحليلية المتقدمة.

5. الندرة في المهارات والخبرات:

يواجه البحث العلمي تحدياً في توفير المهارات والخبرات اللازمة للتعامل مع الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة، فتطوير وتنفيذ الأدوات والتقنيات وتفسير النتائج يتطلب فريقاً مؤهلاً يمتلك معرفة وخبرة في مجالات متعددة مثل العلوم الكمية، وعلوم البيانات، والتعلم الآلي.

6. التحديات الأخلاقية:

تتعلق المسائل الأخلاقية بجمع واستخدام البيانات الشخصية وحماية الخصوصية؛ لذا يجب الالتزام بمعايير الأخلاق في جمع البيانات وتحليلها، وضمان عدم التأثير السلبي في الأفراد أو الأطراف المعنية.

7. التحديات القانونية والتنظيمية:

يتطلب استخدام الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة الامتثال للقوانين والتشريعات المحلية والدولية، وقد توجد بعض القيود في جمع واستخدام البيانات.

ما هي أنواع تقنيات الذكاء الاصطناعي الأكثر استخداماً في تحليل البيانات الضخمة في مجال البحث العلمي؟

  • خوارزميات صنع القرار.
  • الأساليب المبنية على المعرفة.
  • نظرية التحسين وطرائق البحث.
  • التعلم غير الخاضع للإشراف.
  • تعلم آلية خاضع للإشراف.

في الختام:

إنَّ الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة قد أحدثا ثورة في مجال البحث العلمي، وقد ازداد فهمنا للعالم وتطوره بفضلهما، فاستخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الضخمة يمنحنا رؤى أعمق ومعرفة دقيقة تساهم في توجيه البحث واتخاذ القرارات العلمية الصحيحة، ومن خلال استخدام الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة، يمكننا استكشاف مجالات جديدة وتحقيق اكتشافات مبتكرة وتحسين العمليات العلمية والتكنولوجية، ويسهم هذا التحالف في تطوير العلوم وتقدُّم المجتمع البشري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى