Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
تقنية

كيف تؤثر التكنولوجيا على عقولنا؟


في الحقيقة أحدثت التكنولوجيا تحولات ملموسة في الاقتصاديات والمجتمعات، فأصبحت عاملاً هاماً من عوامل التغيير المثمر، وفوائد التكنولوجيا كثيرة فهي أداة تمكين ومنصة لإيصال الصوت والوصول إلى المعلومات وإعادة الإعمار والتصنيع، إضافة إلى توفيرها أدوات تحقق الاستدامة وغير ذلك.

على الرغم من المنافع العديدة التي جنتها البشرية من جراء التكنولوجيا والتطور التقني الذي أحدثته، إلا أنَّها في المقابل سببت العديد من المضار التي شكلت خطراً على الفرد نفسه وعلى المجتمع واستقراره، وعملت على إفساد عقول أبنائه بطرائق مختلفة بحيث أصبح المجتمع يعج بكافة أسباب الضياع والتردي بشكل كبير بالمقارنة بالحالة التي كان عليها المجتمع قبل عهد التقنيات الحديثة وتدفق المعلومات، وللتكنولوجيا جانبان اثنان؛ مشرق ومظلم، وبين تلك الإيجابيات والسلبيات سوف نوضح في هذا المقال كيف أثرت التكنولوجيا في عقولنا، فتابعوا معنا.

ما هي التكنولوجيا؟ وما هي الأسباب التي تزيد أو تقلل من تأثيرها في الفرد والمجتمع؟

التكنولوجيا هي أداة ووسيلة وليست هدفاً بحد ذاته، فلم يسبق أن أثَّر شيء في حياة الإنسان كما فعلت التكنولوجيا حتى أصبح من الصعب لشعب من الشعوب أو فرد من الأفراد الاستغناء عنها، وهي جهد إنساني وطريقة للتفكير في استخدام المعلومات والمهارات والخبرات والعناصر البشرية وغير البشرية بطريقة حديثة ومتطورة في مجال معين وتطبيقها في اكتشاف وسائل تكنولوجية لحل مشكلات الإنسان وإشباع حاجاته وزيادة قدراته.

إنَّ التكنولوجيا هي منظومة متكاملة تضم الإنسان والآلة والأفكار والآراء وأساليب العمل بحيث تعمل جميعاً داخل إطار واحد لتحقيق هدف أو مجموعة أهداف محددة، وهناك مجموعة من الأسباب التي تمتلكها التكنولوجيا وجعلت منها محط جذب وانتباه عالميَّين، وأهمها الراحة والرفاهية والسرعة، فالفرد يستطيع تأدية مجموعة كبيرة من النشاطات المختلفة في زمن قصير وبأقل جهد وتكلفة، ويضاف إلى ذلك المتعة.

عموماً لم تترك التكنولوجيا فرداً في المجتمع لم تؤثر فيه، ولكنَّ هذا التأثير اختلف تبعاً لمجموعة من العوامل أهمها:

1. المرحلة العمرية:

الطفل لا يتأثر بالتكنولوجيا بالطريقة التي يتأثر بها كل من المراهق والراشد، فعلى مستوى ألوان الإضاءة فهي تجذب انتباه الطفل وتشعره بالتسلية، بينما قد لا تدع المسن ينام وتشعره بالقلق.

2. المجتمع:

يختلف تأثير التكنولوجيا من مجتمع إلى آخر، فمثلاً لطالما حافظ مجتمعنا العربي على عاداته وتقاليده على مر العصور، ولكنَّه عجز عن فعل ذلك أمام التكنولوجيا التي فرضت سيطرتها على معظم فئاته لا سيما الشباب والمراهقين، وعلى الرغم من كل إيجابيات التكنولوجيا وما جلبته من راحة للإنسان، إلا أنَّها سببت خمول العقل والجسد وأثارت الكثير من العادات السلوكية غير المحببة مثل قلة احترام وتقدير من هم أكبر سناً.

3. الجنس:

هناك اختلاف في تقبل التكنولوجيا حسب الجنس، فقد بينت الإحصاءات الأخيرة أنَّ الرجال أكثر رغبة في اقتناء مستحدثات التكنولوجيا فهم الأكثر تأثراً بها.

4. الحالة الصحية:

الفرد المعافى صحيح العقل والجسم يتلقى مستحدثات التكنولوجيا بطريقة تختلف عن ذلك الشخص الذي لديه إعاقة، فكل منهما يقصدها لأسبابه الخاصة.

5. الثقافة:

بفضل التكنولوجيات وتحديثاتها استطاعت الدول الغربية نشر ثقافتها وعاداتها على حساب المجتمعات الأخرى، فبدأت ثقافات المجتمعات المتخلفة والنامية تندر شيئاً فشيئاً لحساب الثقافة الغربية، وأصبح التغيير في الأذواق والأفكار والاتجاهات والسلوكات واضحاً جداً.

كيف تؤثر التكنولوجيا في عقولنا؟

1. ميل الفرد لاستخدام كل ما هو تقني:

أصبح الفرد مدمناً للتكنولوجيا ومنتجاتها كافة، فتوفرت الهواتف المحمولة، مواقع التواصل الاجتماعي، التشغيل الآلي، الذكاء الاصطناعي، الطابعات ثلاثية الأبعاد، الحوسبة السحابية، تكنولوجيا النانو، التعلم عن بُعد، التعلم عبر الإنترنت، الاقتصاد الرقمي وتكنولوجيا الطاقة المتجددة وتكنولوجيا إنتاج الأغذية وغير ذلك؛ إذ يسعى الفرد بشتى الوسائل إلى فهم وتعلم واستخدام كل ما تنتجه التكنولوجيا وتنمية معرفته بها بغرض تحقيق السبق واكتساب مزايا تنافسية عن سواه.

شاهد بالفيديو: 6 خطوات لتتخلص من إدمان الموبايل

 

2. تطوير وتحديث العملية التعليمية:

تمتاز التكنولوجيا بقدرتها الفائقة على نقل وتبادل ونشر وتحليل البيانات والمعلومات وإدارتها، فهي تمثل في الوقت الحالي القلب النابض لتطور العلوم، وبفضل التكنولوجيا تم تحديث طرائق التعليم، فتم إدخال العديد من الوسائل التي سهلت من عملية التعلم والفهم ونقل المعلومات والمعارف مثل المحفظة الإلكترونية، القلم الإلكتروني، السبورة الذكية، الكتاب الإلكتروني، الحاسوب، المدرسة الذكية، أجهزة عرض الصور، أجهزة عرض الفيديو، الأجهزة الصوتية، الإذاعة المدرسية، وغيرها من الأدوات التي جعلت من فهم المعرفة أقرب إلى العقل.

ليس هذا فقط فمن خلال التكنولوجيا التي أوجدت التعليم عن بُعد، أصبح بإمكان الفرد الحصول على الشهادات التعليمية من منزله، والالتحاق بالعديد من الدورات التدريبية، وتعلم الكثير من الأشياء في أي وقت ومن أي مكان.

3. إحداث التكنولوجيا تغيراً في أنماط التفكير والسلوك الإنساني:

السلوك الإنساني هو نشاط يصدر عن الإنسان سواء أكان أفعالاً يمكن ملاحظتها وقياسها مثل الحركات الفيزيولوجية، أم تلك التي تتم على نحو غير ملحوظ مثل التفكير والتذكر والنسيان وسواها، فالتكنولوجيا غيَّرت المفاهيم القديمة، ومن ثم أحدثت تغيرات في أنماط السلوك والتفكير، كما أنَّ التكنولوجيا تبدأ بالتغيير في سلوك الفرد ثم تنتقل للتأثير في سلوك الجماعة، ومن ثم يحدث التغيير الكبير في المجتمع وفي عاداته وقيمه، ومن بين التغيرات التي شملت سلوك الإنسان، مثل:

  • اعتماد الإنسان على الآلات والأدوات والنظم التكنولوجية لتوفير الراحة له وتحقيق الرفاهية أدى إلى تقليل حركته ونشاطاته، ومن ثم إصابته بالكثير من الأمراض الناتجة عن عدم القيام بأي نشاط يُذكر، فمثلاً من إبداعات التكنولوجيا الشاشة الرقمية، وهناك من الأفراد من يقوم بتثبيتها مقابل السرير، وهذه التقنية على الرغم من جمالها، إلا أنَّها تجعل الفرد يميل إلى الخمول والكسل، فهو بكبسة زر واحدة يستطيع معرفة كل ما يدور حوله ولن يحتاج إلى النهوض من مكانه.
  • اعتماد الإنسان على الاتصال الإلكتروني والتكنولوجيا الرقمية بأشكالها أدى إلى إضعاف التواصل، والتقليل من الاحتكاك المباشر، وزيادة المسافات التي تفصل بينه وبين الآخرين حتى ضمن الأسرة الواحدة.
  • حدوث تغيير في عادات الإنسان وقيمه، فبسبب التكنولوجيا واعتماد الإنسان عليها اختفت واندثرت، مثل التواصل مع الأقارب والجيران وزيارتهم.

4. تأثير التكنولوجيا في الجانب المعرفي للإنسان:

كثيراً ما تعمل التكنولوجيا ومستحدثاتها لا سيما شبكات التواصل الاجتماعي على هدر وقت الفرد لا سيما الشباب والمراهقين، فالجلوس لوقت طويل لتصفح تلك الوسائل يهدر الوقت ويتعب الجسد والعقل، كما يسبب الإدمان على الألعاب الإلكترونية التي يقضي أطفالنا معظم وقتهم باللعب فيها التأخر الدراسي، والتشتت ونقص الانتباه، والاندفاع وضعف القدرة على ضبط الانفعالات، وميل الطفل إلى الغضب السريع، وتأخر معدل نمو المخ بشكل ملحوظ.

تهدد التكنولوجيا الدماغ والجهاز البصري بالأمراض المختلفة، ومن ثم تؤثر في قدرة الفرد على التعلم والتحصيل العلمي، وقد ساهم انتشار القراءة الإلكترونية التي حلت مكان الكتب والصحف والمجلات في إضعاف القدرة التعبيرية للفرد والكتابة أيضاً، فالتكنولوجيا أثرت في القدرات العقلية للفرد وفي ذاكرته وقدرته على الحفظ والتذكر تأثيراً سلبياً، فكلما اعتمد في دراسته وفي نشاطاته على التكنولوجيا قلَّ استخدامه للعقل والذاكرة، ومن ثم انعدام القدرات الإبداعية.

5. تسبب التكنولوجيا انحداراً أخلاقياً لا سيما لليافعين والمراهقين:

حاول الغرب دائماً فرض ثقافته المنفتحة وجعلها الثقافة الأساسية لكل الشعوب؛ تلك الثقافة التي تفتقر في جزء كبير منها إلى القيم الأخلاقية، فنرى قنوات المواد الإباحية تغزو أجهزة التلفاز والمواقع الإلكترونية، وهذه المواد التي تقود إلى الرذيلة، كما أحدثت التكنولوجيا عزلة وانقطاعاً في صلات القربى وقللت من التواصل ومزَّقت الترابط العائلي والاجتماعي ومزَّقت معه قيم التعاون والمساعدة والتسامح والحب.

6. الافتقار إلى الخصوصية:

أهم ما نتج عن استخدام التكنولوجيا الانفتاح الكبير وإنذار الخصوصيات سواء على المستوى الشخصي أم المستوى الجماعي، فمثلاً على المستوى الشخصي أصبحنا نرى الأفراد عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة ينشرون يومياتهم بأدق تفاصيلها.

في الختام:

حققت التكنولوجيا منافع كثيرة للإنسان، فقد سهلت عليه الحياة وجعلتها أكثر بساطة، لكن بالمقابل حملت معها الكثير من المساوئ، فالتكنولوجيا هي فرص كبيرة ومخاطر كثيرة، ولأنَّ المجتمعات كافة بما فيها العربية تُقبِل بكثافة على ما تنتجه التكنولوجيا لاستخدامها وتوفير الراحة والرفاهية لأبنائها؛ يجب أن تعمل بالوقت نفسه على ضبط استخدام تلك التكنولوجيا وتقليل أخطارها قدر الإمكان لا سيما على العقل الإنساني، واتخاذ كافة الإجراءات التي تكفل عدم الإدمان على التكنولوجيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى