Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
تقنية

التأثير الاجتماعي للتكنولوجيا


إذ تعتمد الحكومات والشركات للأفراد ومعالجة المعلومات على التقنيات الرقمية والذكاء الاصطناعي، فتتم إدارة تلك الأجهزة والأنظمة الكبيرة والصغيرة من خلال السحابة، بحيث يكون التحكم فيها خارج عن السيطرة البشرية أو الاجتماعية.

بالتالي يمكن القول إنها قد أثرت على المجتمع بشكل كبير، فالتأثير الاجتماعي يكمن بالفوائد التي تعود بها والسلبيات التي تخلفها. نستعرض أدناه أهم الآثار الاجتماعية الإيجابية والسلبية للتكنولوجيا، ونناقش كيفية التغلب على التحديات لنخرج بأفضل ما يمكن من الفوائد.

الآثار الاجتماعية الإيجابية للتكنولوجيا:

أثرت التكنولوجيا على المجتمع بشكل إيجابي إلى حد كبير، فهي تساعد على البقاء على اتصال مع أصدقائنا وعائلتنا، وتكوين صداقات جديدة، والتعلم عن بعد. من أهم الفوائد التي عادت علينا:

1. تحسين التواصل والتفاعل بين الناس:

أثّر للتغير التكنولوجي بشكل كبير على كيفية تفاعل الناس مع بعضهم، فقد سهل للأشخاص الوصول إلى الإنترنت والحفاظ على اتصالات الويب الآمنة. فمثلاً نتج عن الاستخدام الواسع النطاق للسيارات إلى زيادة التنقل، بالتّالي زيادة نطاق الفرص المتوفرة للناس وزيادة التفاعل الاجتماعي.

2. تطوير قطاعات جديدة من الاقتصاد:

نتج عن الاستخدام الكبير للتكنولوجيا من قبل الشركات والأفراد إلى انخفاض تكلفة ممارسة الأعمال التجارية. إضافة إلى خفض تكلفة توزيع المعلومات، بالتالي زيادة النشاط الاقتصادي في مختلف أنحاء البلاد.

كما تساعد للشركات على كسب المزيد من المال وخدمة العملاء في الوقت المحدد.

3. تحسين جودة الحياة:

نتج عن التطور التكنولوجي توسع القوى العاملة، بالتالي زيادة الطلب على المهنيين المهرة والمدربين. كما خلقت شبكة الإنترنت أشكالاً جديدة للتواصل بين الموظفين فقد ساهمت في نمو التأثير الاجتماعي للتكنولوجيا.

كما سهل الإنترنت الوصول إلى المعلومات، إذ يتم تخزين المعلومات وتنظيمها على شبكة الإنترنت بكفاءة عالية، بحيث تستطيع استخدام محركات البحث على الإنترنت، وإجراء بحث، لتحصل على آلاف النتائج بسهولة كبيرة.

4. توفير فرص جديدة للتعليم والتعلم:

كما أثر التغير التكنولوجي بشكل عميق على التعليم، فقد أدى انتشار الكمبيوتر والتقنيات المصاحبة له كالإنترنت إلى توسع كبير في المؤسسة التعليمية.

كما قلّل الحواجز أمام دخول الشركات الصغيرة وإنشاء أعمال تجارية جديدة، فقد سبب هذا المزيج إلى زيادة عدد الشركات المتاحة للمستهلكين عبر الإنترنت.

الآثار الاجتماعية السلبية للتكنولوجيا:

رغم الإيجابيات الكثيرة لانتشار التكنولوجيا لكن هناك آثار سلبية أيضاً، فهي تؤثر على التواصل وتجعل المستخدمين مشتتين وينسون المعلومات المهمة وغير قادرين على التفكير العميق من هذه الآثار:

أولاً: الاعتماد المفرط على التكنولوجيا

ينتج عن الاعتماد المفرط على التكنولوجيا أضراراً تؤثر على الصحة العقلية والجسدية أبرزها:

1. الاكتئاب:

فبحسب دراسة أجرتها جامعة ميشيغان نتج عن استخدام الفيسبوك انخفاض السعادة والرضا العام عن الحياة، بالتالي قد يحدث الاكتئاب نتيجة التوقعات المبالغ فيها على الإنترنت، والمقارنات الاجتماعية غير الواقعية.

كما بيّن بحث جامعة جوتنبرج في السويد أن هناك صلة بين الاستخدام المكثف للهواتف المحمولة لدى الشباب وأعراض الاكتئاب، يطلق عليه “الإجهاد المزمن على الهاتف الذكي”، يحدث نتيجة الترقب المستمر لرسالة أو بريد إلكتروني أو غيرها من الإشعارات أخرى، فيحدث الاكتئاب نتيجة عدم وجودها.

2. قلة النوم:

ينام معظم المستخدمين قرب هواتفهم، مما ينعكس سلباً على نومهم فالضوء الأزرق المنبعث من شاشات الهواتف يرتبط بقلة النوم، بحسب ما ذكرت صحيفة واشنطن بوست.

كما أن الألعاب العنيفة أو الأشكال الجذابة من وسائل السوشيال ميديا قد تسبب التحفيز العاطفي، بالتالي تسبب ضعف النوم، مما ينعكس سلباً على صحتك وشخصيتك.

3. اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه:

بحسب بيانات مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، هناك زيادة بنسبة 43٪ في تشخيص اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه أو اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه بين عامي 2003 و2016. كما نشرت مجلة الجمعية الطبية الأمريكية دراسة اشارت أن المراهقين الذين يستخدمون منصات الوسائط الرقمية الحديثة بشكل متكرر، يظهرون أيضاً خطراً متزايداً للإصابة باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.

كما أوضحت دراسة أجريت في جامعة ديوك أن المراهقين المعرضين للخطر قد عانوا من مشاكل سلوكية أكثر وأعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه كانت أعلى في الأيام التي استخدموا فيها التكنولوجيا بشكل متكرر.

ثانياً: التهديدات الأمنية

إذ يستطيع أي شخص الدخول إلى صفحة الفيسبوك لأي شخص وجمع معلومات الاتصال والصور وغيرها، كما يستطيع استخدام المعلومات للقرصنة والفيروسات.

فالمتسللين يخططون باستمرار لحمل الأشخاص على الكشف عن معلومات بطاقة الائتمان وأرقام الضمان الاجتماعي وما إلى ذلك.

ثالثاً: انتشار المعلومات المضللة

المعلومات المضللة هي معلومات خاطئة أو غير دقيقة ينقلها شخص ما أو جهة ما بهدف التضليل والخداع، تحاكي محتوى الإعلام الإخباري في شكلها، لا بطريقة نشرها وأسلوب تنظيمها، كالإشاعات الكاذبة والإهانات والمقالب بهدف إثارة الخوف والشك بين الناس.

رابعاً: عوائق التعلم

تشير الدراسات أن الطلاب والأشخاص أقل استعداداً لتذكر المعلومات لأنهم يعرفون بإمكانهم إيجادها متى شاؤوا عبر الإنترنت، فأصبحوا يتذكرون مكان الحصول على المعلومات بدلاً منها.

كما أفادت شركة مكافحة الفيروسات McAfee أن 21% من الطلاب اعترفوا باستخدام أجهزة الإنترنت للغش، كإرسال رسالة نصية إلى صديق، أو البحث عن الإجابات، أو إرسال صور اختباراتهم إلى الآخرين.

خامساً: التأثير على العلاقات الاجتماعية

تأثير التكنولوجيا في العلاقات الاجتماعية

ينعكس الاستخدام الكبير للإنترنت بشكل سلبي على العلاقات الاجتماعية، إذ يؤثر على الروابط والعلاقات الاجتماعية بين أفراد العائلة والأصدقاء.

فبحسب ما أفاد مركز بيو للأبحاث: اعترف 25% من المتزوجين بإرسال رسائل نصية لبعضهم خلال فترة وجودهم في المنزل. كما شعر 25% منهم بأن زوجاتهم أو شريكهم كان مشتتاً بسبب هواتفهم، في حين ارتفع هذا الرقم إلى 43% للبالغين الأصغر سناً ممن تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 29 عاماً.

تحليل التأثير الاجتماعي للتكنولوجيا:

غيرت التكنولوجيا المجتمع بشكل جذري إيجابياً وسلبياً، فقد أثرت على كل جوانب حياتنا، فجعلتها أبسط ولكن ليس بالضرورة أفضل.

فأكثر ما تغيّر هو التواصل، ونشر المعلومات، وكيفية ممارسة الأعمال التجارية، فمع انتشار التقنيات القادرة على التغلب على العوائق الزمانية والمكانية كالطائرات والسيارات والإنترنت، يمكن استخدم تلك الأدوات للتواصل مع الأشخاص من كل العالم.

لكن يجب الانتباه إلى الحفاظ على العلاقات الأسرية وتعزيزها، والتواصل الفعال مع الآخرين.

كما تؤثر التكنولوجيا على المجتمع من ناحية الخصوصية فأصبح الناس يشعرون بالقلق بشكل كبير حول المعلومات التي يشاركونها عبر الإنترنت والضرر الذي قد ينجم عنها.

قد تكون التكنولوجيا مصدراً للتفاؤل الهائل، كما تساعد في التغلب على بعض التحديات الكبرى في مجتمعنا كتغير المناخ والمجاعة والمرض.

كما تعد محركاً اقتصادياً حيوياً، لكنها قد تكون أداة للخوف والقمع الهائلين، أو ترسيخ التحيز في عمليات صنع القرار الآلية وخوارزميات معالجة المعلومات، أو تفاقم عدم المساواة الاقتصادية والاجتماعية داخل البلدان، أو إنشاء أسلحة وسبل جديدة للهجوم.

الحلول الممكنة للتغلب على التحديات:

بكل تأكيد سيكون المجتمع على أعتاب ثورة اجتماعية، لكن من الضروري إعادة تعريف السلوكيات المناسبة والمقبولة اجتماعياً فيما يتعلق بالتفاعل الرقمي أو الافتراضي.

ففي الوقت الحالي، نحن في مرحلة لا يفكر فيها إلا قلة من الأشخاص بشكل نقدي للحقائق الاجتماعية الجديدة التي خلقتها التكنولوجيا ومعنى تلك الحقائق للفرد والمجتمع. 

1. الحلول الممكنة على صعيد الفرد:

للتكنولوجيا قدرة كبيرة على الإضرار أو تحسين المهارات والحياة الاجتماعية، يجب تحليل كيفية تأثيرها عليك اجتماعياً. يجب أن تتساءل هل تساعدك التقنيات في علاقات إيجابية وذات معنى، أم أنها تعيق تلك العملية؟ هل أنت أكثر قدرة على التواصل والاستماع والمشاركة بسبب التقنيات الموجودة في حياتك؟ هل تستخدم التقنيات لتحسين علاقاتك وبناء علاقات جديدة؟ هل تسمح لعدد قليل من الأشخاص بمعرفة هويتك وما تساهم به في هذا العالم، أم أنك فقط تشتت انتباهك بالمساعي السطحية؟ هل تزيد التكنولوجيا أو تقلل من اهتمامك بالآخرين، وتعاطفك معهم، ورغبتك في خدمتهم؟

2. الحلول الممكنة على صعيد المجتمع:

اتبعت دول العالم منهجيات لإدارة التقنيات، تعكس الآليات والفلسفات القانونية والتنظيمية المختلفة للدول، كما تعكس الطرق المختلفة التي تعطي بها تلك الدول الأولوية للتطور السريع لصناعة التكنولوجيا مقابل السلامة والأمن والسيطرة الفردية.

ففي أوروبا، كان المبدأ التحوطي كتوجيه للتنظيم الاستباقي الذي يهدف لمعالجة المخاطر التي تفرضها التكنولوجيات، إذ تركز اللائحة العامة لحماية البيانات في الاتحاد الأوروبي على مسؤوليات مراقبي البيانات ومعالجيها لتزويد الأفراد بإمكانية الوصول إلى بياناتهم ومعلوماتهم حول كيفية استخدام تلك البيانات ليس فقط كوسيلة لمعالجة تهديدات الأمان والخصوصية الحالية، مثل كخروقات للبيانات، ولكن أيضاً للحماية من التطورات المستقبلية واستخدامات تلك البيانات لأغراض الذكاء الاصطناعي واتخاذ القرار الآلي.

أما في ألمانيا، أجرت Technische Überwachungsvereine، أو TÜVs اختبارات وعمليات تفتيش منتظمة للأنظمة التكنولوجية لتقييم المخاطر وتقليلها مع الوقت.

على الجانب الآخر، اعتمدت الولايات المتحدة على أنظمة التقاضي والمسؤولية لمعالجة إخفاقات السلامة والأمن بعد وقوعها.

كما تساهم مجموعة من المنظمات الدولية وغير الحكومية في عملية وضع المعايير والقواعد والمعايير للتكنولوجيات الجديدة كالمنظمة الدولية للمعايير والاتحاد الدولي للاتصالات.

كما اقترحت شركات كشركة Verizon أنها ستطلب من مقدمي خدمات الإنترنت تخزين بيانات البريد الإلكتروني للعملاء على خادم آمن بدل خوادمهم الخاصة.

باختصار، تعتبر التكنولوجيا شيئاً رائعاً، فهي تقرب الناس من بعضهم وتسهل تواصلهم، وتمنحهم وصول غير محدود إلى المعرفة والتسوق.

في حين لا يخلو الأمر من بعض المخاطر المتمثلة بتفكيك الروابط الاجتماعية والأسرية، إضافة إلى بعض الأملراض الجسدية والعقلية نتيجة سوء الاستخدام.

لكن يمكن تجنب الآثار السلبية لها بالتواصل الأفضل وزيادة التعليم الإلكتروني، حيث أن تنظيم التكنولوجيا يحتاج إيجاد توازن دقيق بين تخفيف المخاطر دون تقييد الإبداعات التي قد تكون مفيدة بشكل كبير.

في الختام:

يمكن القول بأن التكنولوجيا سلاح ذو حدين، أولهما إيجابي والآخر سلبي يفصلهما شعرة الوعي، إذ يجب أن نحسن استخدامه ليعود علينا بالفوائد، فرغم كثرة المخاطر لكن الموارد المتاحة لمكافحتها كثيرة أيضاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى