Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
تقنية

تطور الذكاء الاصطناعي في مجال المركبات ذاتية القيادة


تتزايد ثقة العالم يوماً بعد يوم بقدرات الذكاء الاصطناعي وإمكاناته في مجال المركبات ذاتية القيادة، وعلى حد تعبير “بيل غيتس” مؤسس “مايكروسوفت”: “ترى المركبات ذاتية القيادة مستقبل النقل والذكاء الاصطناعي هو المحرك الأساسي لهذا المستقبل؛ إذ يُحدِث ثورة في كيفية نقلنا، ويساهم في تحقيق تنقُّل آمن ومستدام”.

لقد بات واضحاً أنَّ التطور السريع للذكاء الاصطناعي في مجال المركبات ذاتية القيادة له القدرة على تحويل قطاع النقل، وتحقيق تغييرات جذرية في طريقة قيادتنا وتجربتنا المرورية والانتقال من خلاله إلى عالم أكثر أماناً وفاعلية في النقل.

المركبات ذاتية القيادة وأهميتها في الوقت الحاضر والمستقبل:

تمتلك المركبات ذاتية القيادة إمكانات مبهرة تشمل القدرة على التعرف إلى العقبات والمركبات الأخرى، وتحليل نمط القيادة، والتكيف مع متطلبات الطريق، كما تتيح هذه التقنية للسائقين الاستفادة من الوقت الإضافي وزيادة الإنتاجية خلال رحلاتهم، وتعرِّف المؤسسة المركبات ذاتية القيادة من قِبل إدارة السلامة المرورية الوطنية في الولايات المتحدة الأمريكية بأنَّها مركبات تستخدم تقنيات الاستشعار والمعالجة والاستجابة للقيادة دون تدخُّل بشري، كما عرَّفها الاتحاد الأوروبي بأنَّها مركبات قادرة على أداء مهام القيادة دون دخل نشط من قِبل السائق.

المركبات ذاتية القيادة هي مركبات تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي وتعلُّم الآلة للتحليل والاستجابة للبيانات المحيطة بها دون تدخُّل بشري نشط، وتتمتع هذه المركبات بالقدرة على تحديد موقعها، وتتبُّع الطريق، والتعرف إلى الإشارات المرورية والعقبات، وتحليل سلوك المركبات الأخرى، وتتخذ القرارات اللازمة لضمان السلامة والاتجاه السليم للقيادة، وتتمتع المركبات ذاتية القيادة بأهمية كبيرة في العصر الحالي لأسباب عدة، منها:

1. تقليل حوادث السير وزيادة السلامة:

تستخدم المركبات ذاتية القيادة تقنيات متطورة للكشف عن المخاطر، وتحليل البيانات المحيطة، ومن ثم تقليل حوادث السير الناتجة عن أخطاء السائقين، وتقليل الإصابات والوفيات على الطرقات، والحفاظ على سلامة الركاب والمشاة.

2. زيادة كفاءة النقل وتقليل الازدحام المروري:

تعمل المركبات ذاتية القيادة عملاً فعالاً ومتناغماً ومرناً؛ إذ تمتلك كفاءة عالية جداً، وتتكيف مع تغيُّرات حركة المرور، وتحديد أفضل الطرق والتوقيتات لتوفير الوقت وتجنُّب التأخير، إضافة إلى الحصول على عوامل الراحة.

3. تحقيق الاستدامة وحماية البيئة:

تسهم المركبات ذاتية القيادة في تحقيق الاستدامة؛ وذلك بفضل تحسين كفاءة الوقود، وتقليل الانبعاثات وتقليل تأثيرات التغيرات المناخية.

تاريخ تطور الذكاء الاصطناعي في المركبات ذاتية القيادة:

يمتد تاريخ تطور الذكاء الاصطناعي في المركبات ذاتية القيادة على مدى عقود عدة، ويُقسَم هذا التطور إلى مراحل متتالية:

1. المرحلة الأولى من عام 1950 إلى 1980:

وُضِعَت الأسس الأولى للذكاء الاصطناعي وتطبيقاته المحدودة في مجال السيارات؛ إذ استُخدِمَت النظم المبنية على قواعد المعرفة لمحاكاة بعض الخصائص المتعلقة بالقيادة البشرية.

2. المرحلة الثانية من عام 1980 إلى 2000:

شهدَت هذه الفترة تطوراً في استخدام الشبكات العصبية الاصطناعية والتعلم الآلي في المركبات ذاتية القيادة؛ إذ طُوِّرَت نماذج بسيطة للقيادة الذاتية والتعرف إلى الإشارات المرورية والمسافة بين المركبات.

3. المرحلة الثالثة من عام 2000 إلى 2010:

تركَّزت الجهود في هذه المرحلة على تطوير تقنيات التعلم العميق، وتعزيز أداء الذكاء الاصطناعي في المركبات ذاتية القيادة، وظهرت شركات رائدة، مثل “جوجل” و”تيسلا” و”أوبر” التي بدأت باختبار وتطوير سيارات ذاتية القيادة تعتمد على تلك التقنيات.

4. المرحلة الرابعة من عام 2010 إلى 2020:

يشهد قطاع المركبات ذاتية القيادة تقدماً مستمراً بالاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، وذلك في مجالات مختلفة، مثل تحسين قدرات الاستشعار، والتعرف إلى الصور والمشاة، وتحسين نظم التواصل بين المركبات والبنية التحتية للطرق، وتطوير تقنيات التعلم العميق والتعلم المعزَّز لتعزيز القدرة التنبؤية واتخاذ القرارات الذكية.

إقرأ أيضاً: بحث عن الذكاء الاصطناعي

دور الذكاء الاصطناعي في تمكين المركبات ذاتية القيادة:

يشكل الذكاء الاصطناعي العمود الفقري لأنظمة التحكم والاتصال في المركبات ذاتية القيادة؛ إذ يؤدي الذكاء الاصطناعي مجموعة من الأدوار الهامة والرئيسة فيها، ومنها:

1. أنظمة الاستشعار والتحليل المتقدمة:

تُجَهَّز المركبات ذاتية القيادة بأنظمة استشعار متقدمة، مثل الكاميرات، والرادارات، وأجهزة الاستشعار الأخرى، ويحلل الذكاء الاصطناعي البيانات المستلَمة من هذه الاستشعارات، مثل تحليل الإشارات المرورية، وكشف العقبات، وتمييز المشاة والمركبات الأخرى؛ إذ يتيح هذا التحليل الدقيق للبيانات تكوين صورة شاملة للمحيط ومساعدة المركبة على اتخاذ القرارات الصحيحة في أثناء القيادة.

2. التخطيط للمسار:

يُستَخدَم الذكاء الاصطناعي في تحديد المسار الأمثل للمركبة، واتخاذ القرارات المناسبة للتحرك بأمان وفاعلية على الطريق؛ إذ تُحَلَّل بواسطته البيانات المستلَمة من أنظمة الاستشعار، والمعلومات المتاحة حول الطريق، وظروف المرور وقوانينه، وتجنُّب العقبات المحتَمَلة، وتنسيق حركة المرور لاتخاذ القرار، وتحديد المسار المناسب للمركبة.

3. الاستجابة والتحكم:

يعمل الذكاء الاصطناعي على تنفيذ التحركات والقرارات للمركبة، مثل التسارع، والتوقف، والتغيير في المسار، والمناورة بأمان.

تقنيات الذكاء الاصطناعي في المركبات ذاتية القيادة:

1. تعلُّم الآلة (Machine Learning):

تُستَخدَم تقنيات تعلُّم الآلة لتحليل البيانات، واكتساب المعرفة والخبرات من خلال الخوارزميات والنماذج الرياضية.

2. التعلم العميق (Deep Learning):

يستخدم الشبكات العصبية العميقة للتعامل مع البيانات، وتحليلها، واستخلاص المعرفة العميقة من البيانات لمعالجة الصور والاستشعارات الحسية.

3. نظم الاستدلال (Inference Systems):

تستخدم نظم الاستدلال القواعد المنطقية والقوانين القائمة على المعرفة لاتخاذ القرارات والاستنتاجات؛ أي بناءً على معلومات محددة.

4. نظم الرؤية الحاسوبية (Computer Vision Systems):

تستخدم نظم الرؤية الحاسوبية تقنيات متقدمة لمعالجة الصور وفهم المحتوى البصري؛ وذلك لتمييز الكائنات، وتحديد العقبات، وتحليل إشارات المرور، وتتبُّع المشاة والمركبات الأخرى في البيئة المحيطة.

نماذج الذكاء الاصطناعي في المركبات ذاتية القيادة:

1. نموذج الذكاء الاصطناعي الضعيف (Weak AI):

يُعَدُّ هذا النموذج من الذكاء الاصطناعي المحدود القادر على تنفيذ مهمة أو مجموعة محددة من المهام بشكل متخصص، مثل نظام التوجيه الذاتي.

2. نموذج الذكاء الاصطناعي الضيق (Narrow AI):

يُعَدُّ هذا النموذج أكثر تطوراً وقدرة على تنفيذ مهام متعددة في مجالات مختلفة، على سبيل المثال، تقنيات الرؤية الحاسوبية للتعرف إلى العوائق وتحليل إشارات المرور، وتقنيات التعرف إلى الصوت والكلام وفهم الأوامر الصوتية للسائق، واستخدام خرائط الملاحة والمستشعِرات لتحديد المسار الأفضل، وتجنُّب العوائق، وتحسين تجربة القيادة.

3. نموذج الذكاء الاصطناعي العام (General AI):

يمثِّل هذا النموذج الذروة في تطور الذكاء الاصطناعي؛ إذ يقدر على تنفيذ مهام متعددة بشكل شبه مستقل ومماثلة لقدرات البشر، ولكنَّ تحقيق الذكاء الاصطناعي العام ما يزال في مرحلة البحث والتطوير، ويُعَدُّ تحدياً كبيراً في المجال.

المشكلات المستقبلية التي تواجه استخدام الذكاء الاصطناعي في المركبات ذاتية القيادة:

يواجه الاعتماد على الذكاء الاصطناعي واستخدامه في المركبات ذاتية القيادة مجموعة مختلفة من التحديات والمشكلات التي تعوق تطبيقه كما هو مخطَّط له، ومنها:

إقرأ أيضاً: هل يسيطر الذكاء الاصطناعي على حياتنا؟

1. تحديات الأمان والثقة:

يجب ضمان سلامة المركبات ذاتية القيادة وتأمينها بشكل كامل، فقد تواجه النظم الذكية تحديات في التعرف إلى جميع السيناريوهات الممكنة، وتحديد القرارات الصحيحة في الوقت المناسب؛ إذ يجب اختبار هذه النظم بشكل كامل وتحت ظروف متنوعة؛ وذلك لضمان سلامة الركاب والمشاركين في الطرق.

2. التحديات القانونية:

يجب وضع إطار قانوني مناسب لتحديد مسؤولية الجهات المشاركة في حالة وقوع حوادث أو أخطاء وتحديد المسؤولية المدنية والتأمين وحقوق المستهلك.

3. التحديات المالية والبنية التحتية:

يتطلب تطوير وتجهيز المركبات ذاتية القيادة استثمارات كبيرة في البنية التحتية، مثل تحديث الطرق، وإنشاء بنية تحتية تدعم الاتصال ونقل البيانات بشكل فعال؛ لذا قد تواجه الشركات والحكومات تحديات في تحمُّل تكاليف هذه البنية التحتية وتطويرها بشكل كافٍ وفعال يفي بغرض المركبات ذاتية القيادة.

المركبات ذاتية القيادة

4. تحديات في تغيُّر ثقافة القيادة وقبول المستخدمين لها:

مقاومة التغيير هي من أكثر التحديات التي تواجه استخدام الذكاء الاصطناعي في المركبات ذاتية القيادة؛ إذ يواجه استخدام المركبات ذاتية القيادة تحديات في قبول المستخدمين وتغيير ثقافة القيادة التقليدية التي طالما اعتادوا عليها؛ لذا يجب توعية الجمهور بفوائد هذه التكنولوجيا، وتأكيد سلامتها وفاعليتها لكسب ثقة المستخدمين، وتعزيز اعتمادها.

5. التحديات الأخلاقية:

من بين هذه التحديات تأتي مسألة اتخاذ القرارات الأخلاقية في حالات المواقف الطارئة؛ إذ يجب على النظام الذكي أن يتخذ قراراً جيداً يحقق السلامة بين الخيارات المتاحة.

في الختام:

يمثل استخدام الذكاء الاصطناعي في المركبات ذاتية القيادة واحدة من أبرز التطورات التكنولوجية في عصرنا الحالي، فقد يُحدِث تغييراً ثورياً في صناعة النقل، ويؤثر تأثيراً كبيراً في حياتنا اليومية، فاستخدام الذكاء الاصطناعي في المركبات ذاتية القيادة يسهم في تعزيز السلامة على الطرق، وتحسين تجربة القيادة، وتحقيق الاستدامة البيئية، ومع ذلك، توجد تحديات مستقبلية تحتاج إلى التغلب عليها والتصدي لها، مثل قضايا التشريع والتنظيم، والأمان، ووضع قواعد وإطارات أخلاقية قوية لضمان استخدام آمن وفعال للذكاء الاصطناعي في المركبات ذاتية القيادة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى