Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
تقنية

ماذا قدم للبشرية من كوارث وفوائد؟


وخاصةً بعد اختراع مواد التخدير؛ إذ كان الإنسان يتحمَّل آلاماً لا يمكن احتمالها بأي شكل من الأشكال، باختصار لا يمكن أن نتخيل حياتنا اليوم دون العلم؛ إذ لا يمكن لأي إنسان يعيش في هذا العصر أن يعود إلى ركوب الخيل في السفر من مدينة إلى أخرى أو أن يذهب إلى الينابيع ليحمل المياه على ظهره كل يوم عائداً بها إلى المنزل.

في هذا المقال سنسلط الضوء أكثر على وجهة النظر التي تتكلم عن سلبيات العلم، والكوارث التي قد يكون هو سبباً مباشراً أو غير مباشر فيها، سواء بقصد أم غير قصد، وسنعرِّج على وجهة النظر المخالفة التي تدَّعي فوائد العلم التي تتجاوز مساوئه.

ألفريد نوبل وبداية التساؤل عن أخلاقيات العلم:

قد تكون قصة ألفريد نوبل إحدى أكثر القصص التي أثارت الجدل الذي لم ينتهِ بعد عمَّا إذا كان العلم أخلاقياً أم لا، وهذا السؤال الوجودي الشائك قد لا يمكن الإجابة عنه، لكن يمكن طرح الكثير من التساؤلات عما إن كانت الآثار الجانبية أو الأضرار التي حصلت أغلبها دون نيَّة الإيذاء هي أقل أم أكثر من الفوائد التي قدمها العلم.

بدأت القصة عندما كان ألفريد نوبل يعمل في مصنعه، ويستخدم إحدى المواد في تجاربه التي تسمى بالنيتروغليسيرين، ونتيجة ارتفاع الحرارة في أحد الأوعية التي تحوي هذه المادة حدث انفجار ضخم في المصنع أودى بحياة أخيه، وخلفت هذه الحادثة الكثير من الأسى والحزن في نفس ألفريد نوبل؛ مما دفعه إلى تقصِّي حقيقة ما حدث في مصنعه، وما هي الأسباب التي أدَّت إلى هذا الانفجار الذي كان صادماً وغير متوقع على الإطلاق.

بينما كان يبحث عن سبب وفاة أخيه، تسبَّب في وفاة الملايين:

في سياق بحث ألفريد نوبل عن سبب الحادثة اخترع مادة الديناميت، وقد كان يهدف من خلال اختراعه هذا إلى أن يُوظَّف في المجالات التي تفيد البشر وتحقق التطور والازدهار لهم، لكن سرعان ما انتشرت صناعة الديناميت بين الشركات العالمية، واستحوذت المؤسسات العسكرية على هذه الفكرة. وللأسف الشديد استُخدِمَت مادة الديناميت في الحروب والغزو، وأدى ذلك إلى مقتل الكثير من المدنيين الأبرياء من نساء وأطفال وشيوخ لا ذنب لهم في أي شيء.

كان ألفرد نوبل يشاهد هذه الاستخدامات الشنيعة للمادة التي اخترعها هو، وسيطرت عليه الكآبة والشعور بالذنب حيال هؤلاء الأبرياء الذين لاقوا مصرعهم، وعرف بينه وبين نفسه أنَّ التاريخ لن يذكره بالخير، وربما قد يرتبط اسمه بالدم والقتل والغزو والحروب، وسيطرت هذه الأفكار على عقله؛ لذلك كتبَ وصيته المكوَّنة من أربع صفحات، ويوصي فيها أن تُخصَّص 94% من ثروته كجائزة سنوية لكل شخص ينجح في تقديم خدمات مفيدة للبشرية في شتى المجالات الإنسانية، ومن هنا أتت جائزة نوبل للأدب وجائزة نوبل للسلام وجائزة نوبل في الفيزياء، وما إلى ذلك من المجالات التي تساهم في الارتقاء في حياة الناس إلى مستويات أفضل.

السبب وراء إحداث جائزة نوبل كلمتان فقط:

تُرجع بعض المصادر سبب تبرُّع ألفريد نوبل بكل ما لديه تقريباً لمصلحة من يحقق أي إنجاز يفيد البشرية إلى خطأ في إحدى الصحف؛ إذ نَعوه هو بدلاً من أخيه المتوفي، وكتبوا تحت اسمه عبارة مكونة من كلمتين فقط “تاجر الموت”، أثارت هذه العبارة مشاعر ألفريد ودفعته إلى التفكير في الطريقة التي ستتذكره بها البشرية بعد وفاته؛ لذا أراد أن يترك بصمة إيجابية تتذكره بها البشرية بعد وفاته، وبالفعل وُضِعَ ألفريد نوبل في خانة العلماء أصحاب السمعة الطيبة.

القنابل النووية قصة أخرى من المآسي التي تسبَّب بها العلم:

بدأت القصة حين اجتمع الرئيس الأميركي روزفيلت مع ثلة من العلماء وضباط الجيش الأمريكي ليعلن إطلاق مشروع مانهاتن برئاسة وإشراف عالم الفيزياء العبقري روبرت أوبنهايمر؛ وذلك في إطار الاستعدادات التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية للدخول في الحرب العالمية الثانية، بعد أن علمت بنيَّة هتلر لاستخدام القنابل النووية في تلك الحرب.

استُخدِمَت القنابل النووية استخداماً همجياً وانتقامياً من قِبل الولايات المتحدة الأمريكية على مدينتي هيروشيما وناكازاكي في اليابان، على الرغم من أنَّ الحرب العالمية كانت محسومة لمصلحة الولايات المتحدة الأمريكية، ولكنَّها أصرت على ضرب اليابان بهدف العقاب والتشفي وللتأكيد على سيطرتها على العالم.

للمفارقة فإنَّ اليابان نهضت بعد القنبلتين النوويتين بكل قوة وعنفوان، وخرجت من تحت الرماد لكي تصبح قوة عالمية اقتصادية وصناعية وتجارية يُحسب لها ألف حساب، مستعينة بالتقنيات الحديثة ومن أبرزها تقنيات الطاقة النووية.

شاهد بالفديو: أقوال عن العلم والنجاح

 

أوبنهايمر والعلم وملايين الضحايا:

لم يكن روبرت أوبنهايمر على ما يرام في أيامه الأخيرة بعد أن ساهم في تطوير نوعين من القنابل النووية، والتي قتلت أكثر من مئة ألف مواطن ياباني، وخلفت الكثير من العاهات والتشوهات عند مئات الآلاف وربما الملايين، ووُضِعَ أوبنهايمر على اللائحة السوداء للعلماء الذين تسببوا في أكبر ضرر سببته البشرية لنفسها.

كارثة تشيرنوبل حين تجتمع سلبيات العلم مع تعنت السياسة:

لا نستطيع أن ننسى كارثة المفاعل النووي الأوكراني تشيرنوبل، وحينها كانت أوكرانيا جزءاً من الاتحاد السوفييتي الذي سبب أكبر كارثة بيئية إنسانية في التاريخ، والتي خلفت الكثير من الأضرار على مدى عشرات السنوات بمسافات تمتد لآلاف الكيلومترات؛ إذ أُصيب الناس بتشوهات خطيرة وسرطانات متعددة وخاصة سرطان الغدة الدرقية.

رغم أنَّ حادثة تشيرنوبل ما كانت لتحدث بهذه الضخامة وما كانت لتسبب كل هذه الأضرار الكارثية لولا التخاذل الذي حصل من قِبل الحكومة السوفييتية، والتي سعت إلى إخفاء آثار الكارثة والتستر عليها؛ وذلك من أجل حماية سمعتها والحفاظ على صورتها؛ لذلك عمدت إلى بث تصريحات وبلاغات تقول فيها إنَّ الوضع في المصنع تحت السيطرة ولا يوجد أي داعٍ للقلق؛ في الوقت الذي كان يجب عليها أن تنذر سكان المنطقة بإخلائها على الفور، ولكنَّ هذا لم يحدث أبداً؛ مما أدى إلى تضاعف حجم الكارثة بشكل كبير.

كل هذه الكوارث الإنسانية والبيئية التي حصلت بسبب اختراع الديناميت والقنابل النووية والمفاعلات النووية خرجت من مختبرات العلماء والباحثين، فصحيح أنَّ هذا الموضوع كانت له أبعاد عسكرية وسياسية، وقد يمكن أن يكون التشجيع على هذه الاختراعات من قِبل هيئات عسكرية، ولكنَّها محسوبة على العلم أولاً وأخيراً.

وجهة نظر أخرى: العلم بريء والطاقة النووية لها فوائد عظيمة:

غير أنَّ وجهة النظر الأخرى تقول؛ غير ذلك رغم أنَّها تعترف بأنَّ هذه الكوارث التي تسبب بها العلم هي كوارث مؤسفة، ولكنَّها في الوقت نفسه آثار جانبية لا بدَّ منها؛ إذ علمتنا الحياة بأنَّه لا يوجد شيء مثالي فيها، فلكل اختراع إيجابياته وسلبياته في نفس الوقت، وقد لا يمكن أن نأخذ الإيجابيات دون وجود احتمالية التعرُّض لهذه السلبيات.

لا شكَّ أنَّ الأبحاث النووية كان لها دور كبير في جعل الأسلحة أكثر فتكاً بالبشر، ولكنَّها في نفس الوقت لها استخدامات سلمية متعددة لا يمكن إنكارها مثل:

1. مجال الزراعة والغذاء:

تُستَخدَم الطاقة النووية على نطاق واسع في المجال الزراعي؛ وذلك في مكافحة الحشرات الضارة التي تؤذي النباتات؛ وذلك من خلال استخدام جرعات محددة بدقة؛ إذ تقتل الحشرات الضارة فقط دون التأثير في النباتات.

2. المجال الطبي:

تُستَخدَم التقنيات النووية في التصوير الشعاعي للأورام أو السرطانات التي يُصاب بها الإنسان؛ إذ تُحدَّد جرعة الأشعة المناسبة لكل ورم من الأورام، ويُعَدُّ العلاج النووي أحد العلاجات الأساسية للكثير من الأورام.

3. مجال الفضاء:

يُعتَمَد على الطاقة النووية من أجل توليد الطاقة الكهربائية في الرحلات الفضائية التي قد تستمر لفترات طويلة؛ إذ تفيد التقنيات النووية في توليد الطاقة الكهربائية في المركبات الفضائية التي تعمل دون طيار، والتي تُرسَل إلى الفضاء الخارجي بقصد دراسة النظام الشمسي.

يقول معهد الطاقة النووية إنَّه أرسلَ مركبة فضائية لدراسة النظام الشمسي الخارجي عام 1977م، وما زالت حتى الآن ترسل البيانات والمعلومات، وكل ذلك بفضل التقنيات النووية التي تزودها بالطاقة الكهربائية.

4. تحلية المياه:

تقول منظمة الطاقة النووية إنَّ خُمسَ سكان العالم لا يملكون مياه صحية صالحة للشرب؛ لذلك لا بدَّ من تحلية مياه البحار، ولكنَّ هذه العملية مستهلكة للطاقة بشكل كبير في حال اعتمدنا على مصادر الطاقة الكلاسيكية، لكن بوجود الطاقة النووية فإنَّ الأمر يغدو أكثر سهولة.

في الختام:

كما رأينا في هذا المقال كل شيء له إيجابيات وله سلبيات، وحتى العلم يمكن أن يُخطئ أحياناً أو قد يصل إلى يد أشخاص يسعون إلى تحقيق مطامع شخصية أو سياسية أو اقتصادية، حتى ولو كلَّف ذلك أرواح الناس.

ما يجب علينا تعليمه للجميع وخاصةً الأطفال وطلاب المدارس هو التأكيد على أهمية الأخلاق إلى جانب العلم، والتنبيه إلى ضرورة رفض أي مشروع علمي لا يتوافق مع المبادئ والأخلاق الإنسانية، ومحاربة أي نشاط علمي قد يؤذي الإنسان.

المصادر: 1، 2، 3

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى